قد تظن أن النوم لساعات قليلة لا يؤثر كثيرًا، خاصة إن كنت من أولئك الذين يفضلون السهر لإنجاز أعمالهم أو تصفح هواتفهم قبل النوم. لكن العلم يقول عكس ذلك تمامًا. فالنوم أقل من ست ساعات في الليلة لا يسبب فقط التعب الذهني، بل قد يؤدي إلى تقلص حجم الدماغ تدريجيًا، وهو ما ينعكس على الذاكرة والتركيز والمزاج على المدى الطويل.
تشير دراسات حديثة باستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي إلى أن الأشخاص الذين ينامون أقل من ست ساعات يوميًا يفقدون ما يقارب 0.2% إضافية من حجم منطقة الحُصين (hippocampus) كل عام، وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والتعلم. ومع مرور الوقت، تتراكم هذه النسبة الصغيرة لتؤدي إلى تقلص ملحوظ في حجم الدماغ، مما يسرّع من تراجع القدرات الإدراكية.
النوم العميق يساعد الدماغ على “تنظيف نفسه” من السموم العصبية التي تتراكم خلال النهار. وعندما لا يحصل الجسم على القسط الكافي من الراحة، تبقى هذه السموم في الدماغ، مما يؤثر سلبًا على الخلايا العصبية المسؤولة عن الذاكرة. وقد وجدت الأبحاث أن من ينامون أقل من ست ساعات بانتظام في منتصف العمر ترتفع لديهم احتمالية الإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 30% في مراحل لاحقة من حياتهم.
في تحاليل جديدة، أظهرت الفحوصات أن أدمغة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم كانت تبدو “أكبر” بمعدل 2.6 سنة مقارنة بمن ينامون نومًا صحيًا. بمعنى آخر، قلة النوم لا تُتعبك فقط صباحًا، بل تسرّع شيخوخة دماغك على المدى البعيد، وهو تأثير قد لا يمكن عكسه بسهولة.
الأمر لا يتعلق بعدد الساعات فقط، بل بجودة النوم أيضًا. فالنوم العميق المتواصل دون انقطاع هو الذي يمنح الدماغ فرصته الحقيقية لإعادة التوازن وإصلاح الخلايا. لذلك، يُنصح بالنوم ما بين 7 إلى 8 ساعات كل ليلة في غرفة مظلمة وهادئة، مع الابتعاد عن الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل. هذه العادات البسيطة قد تكون الفارق بين دماغ نشط وآخر يشيخ قبل أوانه.