بعد عشر سنوات من فيلمه الاول Zinzana الذي لاقى اشادة واسعة، يعود المخرج الاماراتي ماجد الانصاري بفيلم جديد يحمل اسم Hoba او The Vile في عرضه العالمي الاول ضمن مهرجان Fantastic Fest في ولاية تكساس الامريكية. الفيلم يغوص في اعماق الرعب النفسي مستلهما اساطير مرتبطة بالزواج المتعدد، ليضع السينما الاماراتية تحت الاضواء العالمية من جديد.
ماجد الانصاري المعروف بشغفه بالسينما منذ الطفولة، اختار ان يعود هذه المرة بعمل اكثر قربا من الواقع الخليجي. القصة تدور حول زوج يتزوج للمرة الثانية، لتتحول حياته العائلية الى دوامة من الرعب بعدما تكشف الزوجة الجديدة عن طابع غامض يمزج بين السحر والقوى الخارقة. هذه الفكرة استلهمها الانصاري من المعتقدات الشعبية المتداولة في المنطقة، حيث يقال احيانا ان الزوجة الثانية تلجأ الى السحر للسيطرة على الزوج، ليجعلها في الفيلم حقيقة ملموسة بدلا من مجرد خرافة.
منذ فيلمه الاول، انشغل الانصاري في الانتاج والاخراج التلفزيوني، فشارك في اعمال مثل Hwjn وScales، الى جانب مسلسلات عالمية مثل Paranormal على نتفليكس وKaboos على Starzplay. لكن رغم هذا الانشغال ظل الحنين الى الكاميرا قائما. كما يوضح: "كنت احتاج ان استعيد شغفي، فالمتعة الحقيقية بالنسبة لي هي في الاخراج". هذا التوقف الطويل سمح له بالنضوج الفني والاقتراب اكثر من هوية المخرج الذي طالما حلم ان يكونه.
رغم ان الفيلم انتج بالشراكة مع شركة Spooky Pictures الامريكية المتخصصة في افلام الرعب، حرص الانصاري على ان يظل العمل متجذرا في ثقافة الخليج. فالحوارات والمواقف اليومية مستمدة من واقع اجتماعي مألوف في المنطقة، مثل جملة الزوج لزوجته "احمدي ربك اني قلتلك" التي قد تبدو صادمة للجمهور الغربي، لكنها تعكس واقعا معروفا محليا. هذا التوازن منح الفيلم قوة مضاعفة: فهو يحافظ على صدقه امام الجمهور العربي، وفي الوقت نفسه يقدم مادة مثيرة ومختلفة للجمهور الاجنبي.
الفيلم حظي بدعم كبير من Image Nation Abu Dhabi ومنتجين عالميين مخضرمين في الرعب مثل ستيفن شنايدر وروي لي. هذه الشراكة ساعدت على تطوير نسخة اكثر نضجا ومناسبة للتوزيع العالمي. بالفعل، تم الاتفاق على توزيعه في الولايات المتحدة، ليصبح اول فيلم اماراتي يحظى بهذه الخطوة المهمة. كما يستعد للعرض في مهرجان لندن السينمائي قبل انطلاقه في صالات السينما الاماراتية يوم 30 اكتوبر، تزامنا مع موسم الهالوين.
الانصاري لا يسعى لطرح خطاب سياسي او رمزي، بل يركز على تقديم تجربة رعب نفسي ترتكز على مشاعر المشاهد. هو نفسه يصف العمل بانه محاولة لخلق شعور يظل عالقا بعد مغادرة القاعة، لا مجرد حبكة درامية. كما يلمح الى ان خطوته القادمة قد تكون اكثر جرأة ودموية مستلهما اعمالا مثل Saw وThe Loved Ones، لكنه يصر على ان تبقى قصصه مرتبطة بشخصيات وثقافة المنطقة.
اليوم، لم يعد الانصاري ذلك الشاب الطموح فقط، بل اصبح ابا وزوجا ورجل اعمال في مجال الانتاج. هذه التجربة الحياتية انعكست على فيلمه الجديد الذي يبدو اكثر نضجا وواقعية. ومع ذلك، ما زال يحمل بداخله نفس الطفل الذي وقع في حب السينما بعد مشاهدته لفيلم Oldboy، وما زال يبحث عن ذلك الحماس الاول الذي يجعله يستمر في الابداع.
بهذا، يظهر The Vile كعمل مختلف يحمل بصمة خليجية صادقة، وفي الوقت ذاته يضع السينما الاماراتية على طريق العالمية. انه خطوة جديدة تثبت ان افلام المنطقة قادرة على المنافسة في اهم المهرجانات والشاشات حول العالم.